إعداد: الحسين كان الفوتي، سنغالي: الدراسات العليا- السنة التمهيدية. شعبة الدعوة والحضارة.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، الذي جاء بكتاب كالشمس في ضحاها، وبسنة كالقمر إذا تلاها، فمن تبعهما عاش في ضوء النهار إذا جلاها، ومن أعرض عنهما تخبط في ظلمة الليل إذا يغشاها، أما بعد:
فالإنسان هو هدف الحضارة ووسيلتها، وهو محل الثقافة وحاملها، لذلك لا يُتخيل وجود حضارة لا تركز على الإنسان: اهتماماً بواقعه، وتحسيناً لأحواله الصحية والتعليمية والمعيشية، وحلاً لمشكلاته واحتراماً لحقوقه الأساسية حتى ينشط للحركة ويتطلع للريادة ويعمل للتغيير.
إن المعيار الذي يمكن أن تقاس به الحضارات هو موقع الإنسان فيها، وتصورها عنه، وطبيعة القيم التي يلتزم بها ومدى احترامها لإنسانيته ومقوماتها.
إن الذين يسعون لاستيراد تصوراتهم عن الإنسان وحقوقه من الحضارة الغربية يقعون في خطأ كبير، ذلك أن الحضارة الغربية رغم ما أعطته للإنسان من تطور مادي ورفاهي معيشي، فقد أخطأت في فهم الإنسان، وطبيعته، ومعرفة خصائصه؛ لأنها أسقطت الجانب الروحي فيه، وأبعدت الدين عنه نتيجة لصراعها مع الكنيسة، كذلك تمادت الحضارة الغربية في خطئها بعدم بحثها عن العلة الحقيقية في قلق إنسانها وإمعانها في إيجاد حلول مادية لملء الفراغ الروحي الحادث في مجتمعاتها.
- قال ميشيل فوكو- الفيلسوف الفرنسي-: "ما الإنسان إلا خطوط على شاطئ البحر تكتسح الأمواج"، وله كتاب بعنوان" ما الإنسان" بدلا من " من الإنسان" ليوحي إلى نفي إنسانيته.
- قال جان بول سارتر:" ما أنا إلا نطفة وضعها رجل لا أعرفه لكي أخرج حائرا إلى هذا الوجود التافه "
- وقال - أسبينوزا-: " إن الإنسان حجر مقذوف لا يدري أين يسير"
- فـ"داروين" شبه الإنسان بالقرد، و"بافلوف" شبه الإنسان بالكلب.
وغيرها من الأيدولوجيات التي لا تعطي الإنسان قدره المستحق، وقد نتج عن ذلك أن واجهت البشرية الأزمة والقلق والتمزق والضياع.
أما العقيدة الإسلامية فقد جعلت الإنسان مدار الحركة التغيرية ومحورها، وأوكلت إليه مهمة التغيير والبناء وكلفته بتحقيق الخلافة على هذه الأرض، ولفتت نظره إلى كيفيات التعامل مع الكون والحياة واستغلال ما على ظهر الأرض واستخراج ما في باطنها مستفيداً من عنصر الزمن لإنتاج الحضارة واستعمار الأرض حملاً لأمانة الاستخلاف وتحقيقاً للعبودية التي خلق لأجلها، حتى يصل إلى مرحلة الرشد الفكري وتأكيد ذاتيته والتحرر الكامل من التبعية بكل صورها وأشكالها، وفي مختلف المجالات قانونا بالشريعة الإسلامية، واقتصادا بالمنهج الإسلامي، ومجتمعا بالأخلاق الإسلامية، وتربية بأسلوب الإسلام. ©
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق