مرحبا بك في موقع صحافة بلا حدود

حقيقة الدّين، ودحض أباطيل السفسطائيين...


الكاتب :كونى آدم / عاجي الجنسية، السنة الرابعة
(شعبة القرآن الكريم وعلومه)

            الإنسان بطبعه كائن عقيدي (أعني بذلك أنه يحس في ضميره الداخلي بوجود قوة مدبرة هي التي أوجدت هذا الوجود بما فيه من بديع التنظيم ودقيقه، سواء وفق في إسناد إيجاده إلى الله سبحانه، أو عجز عن ذلك بسبب ما اعترى فطرته السليمة من مؤثرات بيئية واجتماعية؛ مما يجعله يتخذ من الطبيعة مصدر الوجود).وعليه فالقول بالإلحاد (عدم الإيمان بالغيبيات ) جلبة صوتية، تخرج من أفواه من لم يحسنوا استخدام عقولهم في تحليل الدلالات الكونية المحيطة بهم. يقول ربنا ﴿وَكَأيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاواتِ  وَ الأرْضِ يَمُرُونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَسورة يوسف، الآية ( 105 ) .
جَوْلَةٌ قَصِيَرةٌ في مَدلُولاتِ كلمةِ (الدين) : إذا تتبّعنا مادة هذه الكلمة واشتقاقاتها في الأدبيات العربية، نجدها تدور حول معاني ( الخضوع ، والمحاسبة، والإلزام، والالتزام،) فإذا قلنا : دان له يدين دينونة، يعني ذلك ( خضع له وأطاع أوامره). ودان به يدين به دينا ( اتخذه دينا يتعبد به). ودانه يدينه أي حاسبه وجازاه .
ومحور مقالتي على الدين من حيث هو (الخضوع لقوة قاهرة يرجى نفعها ويتقى ضرها)والدين بهذا المعنى  قديم قدم البشرية، لأنه وجد فور وجود أول بشر على وجه الأرض، ومصداقه قول الله سبحانه ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأتِينَّكُم مِّنِّي هدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَسورة البقرة، الآية (38) .
فالهدى المذكور في الآية الكريمة هو تلك الضوابط المقنّنة التي تفصّل كيفية تعامل آدم مع أوامر ربّه ونواهيه. وعلى هذا المنهاج توالت القرون والأمم بعد آدم، إلاّ أنّه لم يخل أمة  من الأمم من ديانة  يتعبّد بها وفق أنظمتها وقوانينها، مهما كانت درجة رقيّها، أو دركة همجيّتها. وفي ذلك يقول تعالى ﴿وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَاَّ خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾.سورة فاطر الآية (24).
المُغَالَطَاتُ وَالشُّبُهَاتُ التِّي أَثَارَهَا بَعْضُ الكُتَّابُ سَيْرًا عَلَى نَهْجِ السُّفُسْطَائِيينَ...
أمّا ما روّجه بعض كتّاب القرن الثامن عشر أنّ الانسانية لا بدّ ان تكون قد عاشت قرونا متطاولة في حياة مادية محضة، قوامها الحرث، والنحت، والحدادة، والنجارة، قبل أن تفكّر في مسائل الديانات والروحانيات. بل قالوا:((إنّ فكرة التّأليه إنّما اخترعها دهاة ماكرون من الكهنة والقساوسة الذين لقوا من يصدّقونهم من الحمقى والسخفاء)).
فهذه النظرة الساخرة ترديد لصدى مجون قديم كان يتفكّه بها أهل السفسطة، الذين ينظرون إلى الدين نظرتهم إلى سياسة ماكرة وضعها العباقرة من الكهنة والقساوسة، التي تهدف إلى علاج أمراض المجتمع بكل حيلة ووسيلة.
الخاتمة: أقول في مختم هذه النبذة المقالية، إنّ  الدين حقّ، وهو وضع إلاهيّ، وحاشا لله أن يأمر عباده بما يقعدهم عن العمل النافع. فهو فطرة الله التي فطر الناس عليها؛ أمّا إنكار البعض له إن هو ناشئ إلاّ من فساد في الفطرة السليمة، والميل بها نحو منعرجات الشهوات. وقد صدق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ قال:((كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، إِلَاّ أَنَّ أَبَوَيْهِ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهِ مِنْ جَدْعَاءَ؟)).




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق