مرحبا بك في موقع صحافة بلا حدود

الأعرابي والدجاج


        قدم أعرابي من أهل  البادية على رجل من أهل الحضر ، فأنزله ، وكان عنده دجاج كثير ، وله  امرأة وابنان وبنتان .   قال : فقلت لامرأتي : اشوي دجاجة وقدميها إلينا نتغدى بها ؛  وجلسنا جميعا ، ودفعنا إليه الدجاجة ، فقلنا : اقسمها بيننا ؛ نريد بذلك  أن نضحك منه ، قال : لا أُحسن القسمة ، فإن رضيتم بقسمتي قسمت  بينكم ؛ قلنا : نرضى ؛ فأخذ رأس الدجاجة ، فقطعه ، فناولينه ، وقال :  الرأس للرئيس ؛ ثم قطع الجناحين ، وقال : الجناحان للابنين ؛ ثم قطع  الساقين ، وقال : الساقان للابنتين ؛ ثم قطع الزمكى ، وقال : العجز  للعجوز ؛ ثم قال : والزور للزائر ؛ فلما كان من الغد ، قلت لامرأتي:  اشوي لي خمس دجاجات ؛ فلما حضر الغداء ، قلنا : اقسم بيننا ؛ قال :  شفعا أو وترا ؟ قلنا : وترا ، قال: أنت وامرأتك ودجاجة ثلاثة ؛ ثم رمى  بدجاجة ، وقال : وابناك ودجاجة ثلاثة ؛ ورمى إليهما بدجاجة ، وقال:  وابنتاك ودجاجة ثلاثة ؛ ثم قال: وأنا ودجاجتان ثلاثة ؛ فأخذ  الدجاجتين ؛ فرآنا ننظر إلى دجاجتيه فقال : لعلكم كرهتم قسمتي  الوتر ؟ قلنا: اقسمها شفعا؛ فقبضهن إليه ، ثم قال : أنت وابناك  ودجاجة أربعة ؛ ورمى إلينا دجاجة ، ثم قال : والعجوز وابنتاها ودجاجة  أربعة ؛ ورمى إليهن دجاجة، ثم قال : وأنا وثلاث دجاجات أربعة ؛ وضم  ثلاث دجاجات ، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال : الحمد لله ، أنت فهمتنيها...

حاجة الأنام إلى الإسلام


 يقول تعال: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) الصف، الآية 9
   منذ أن أوجد الباري خلقه، وأسكنهم أرضه المقدسة، أراد أن يكون الإنسان في غاية الرّقيّ، لذلك أرسل إليهم رسلا يحملون رسائل فيها جميع الحضارات الإنسانيّة – التي عرفها الإنسان منذ فجر إرسال الرسل - لكن تلك التّعاليم قد دخلتها التّحريف والتّزييف، فلم يعودوا يستفيدون منها إلاّ قليلا، وبدؤوا يتخبطون في ظلام الجهل والضّلال حتى كادت حياتهم أن تميل إلى  حياة وحشية.
تصور معي يا عزيزي كيف كان النّاس بصفة عامّة والعرب بصفة خاصّة يعيشون قبل مجيء الإسلام في حالتهم الدّينية والاجتماعية وغير ذلك، حيث كان الفرس والرّوم قوّتان تحكمان في العالم،و كان الفرس يعبدون النّار، وأمّا الرّوم فكانوا يعتقدون أنّ هناك إلهين؛ إله الخير والشّر .
    ومن الناحية الاجتماعية ثمّت طبقتين،الأولى طبقة الرّؤساء والحكماء، والثّانية طبقة المرؤوسين والمحكومين، وكانت الطبقة الثّانية يزرعون ويكدحون، والأولى يأكلون ويتمتعون.
    وكان النّاس يومئذ في حاجة ماسّة إلى من يقودهم ويرشدهم نحو الطّريق الأفضل، والحياة الأحسن، وكانت شبه الجزيرة العربية أكثر ظلما وجورا على وجه الأرض برمّتها، ولعلّ ذلك من أسباب اختيار الله تعالى أرضه مكانا لظهور الإسلام . وقد اتسم الإسلام بسمات كانت وما زالت عوامل تجذب إلى الإسلام  كل من اقترب منها، أو بحث فيها أو تعرّف عليها. فلم تعرف البشرية ولن تعرف دينا جمع بين دفّتيه حقائق الحق، وأطراف الخير، وألوان الفضيلة كما عرفت ذلك في الإسلام. والقارئ للإسلام من منابعه الأصيلة، ومصادره الحقيقية، وسماته البارزة يجده أنّه يسعى للأخذ بيد الإنسان في هذه الحياة، ويكون له نبراسا في لياليه المظلمة. وإذا كان العصر الّذى نعيش فيه، هو عصر العلاقات العالمية الّذي يتطلّب مواطنا أصح وأصلح من الإنسان الّذي يؤمن بالأسرة الإنسانيّة، فإن الّذي لاشك فيه أنّ هذا العصر لا يسعده عقيدة أخرى أصح وأصلح من عقيدة الإسلام....*
إعداد: إدريس غي \ سنغالي \ السنة الثانية كلية


علّمنا الأخلاقَ والأدبَ

           الحمد لله عزّ وجلّ على نعمته وحبّه ورحمته، لا زلتُ أعيش في هذه الدّنيا الفانية وأطال الله عمري لأجدّد أعمالي وأصلح نِقاط ضعفي بإذن الله سبحانه وتعالى ، سأستمر في المساهمة في فعل الخيرات، وأطبّق علمي ومعرفتي ما دمتُ حيّاً قبل أن يأتي يوم لقائي ربّي التّوّاب الرّحيم، وقبل أن يحاسبني إلهي.
ما أحبّ أن أقوله في هذه اللوحة الجديدة يتعلّق بالأدب والأخلاق. لقد عرفنا منذ أزمنة طويلة أنّ الجاهليين قبل مجيء القرآن العزيز بين يدي الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم-  كانوا محبّين الفوضى وهؤلاء معترَفون بأصحاب الفواحش و ذوي القسوة إمّا على أنفسهم فرداً أم على الآخرين جميعاً.
  ثمّ أعجزهم الله بإتيان رسوله - محمّد صلّى الله عليه وسلّم- وفي يده وصدره القرآن الكريم لإرشاد الناس إلى الهدى ونور الحق. فعلّم المسلمين  الإسلام بحسن الأخلاق وخير الأدب. كما في قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:
"إنّما بُعثتُ لأُتمّم مكارمَ الأخلاقَ"
ومع ذلك، هل نستطيع أن نقول إنّ بعض المسلمين بمرور الدهر البعيد لقد تجاوزوا عن حدّ ما في معاملاتهم مع الآخرين حتى صاروا من الأنانيين بعدم الاحترام للآخرين ولا يبالون بالأخلاق المحمودة والأقوال الحسنة والأدب الذهبيّ ؟
إن لاحظنا، هناك مسلمون يتصرّفون كأنّهم ليسوا مبالين بالأخلاق والأدب والاحترام للناس من حولهم. يضرّون جيرانهم بالموسيقى، وترك القمامات في الممرات، ويسبّون الآخرين بحدّ الألسنة، ويدخلون ديار الآخرين دون السّلام، و يحبّون الصّراخ، واستعارة الأشياء دون إذن، وحبّ المشاجرات والجدل حتّى تضييق الآخرين، وحبّ الكلام الكثير دون فوائد، والحوار بصوت عالٍ قويّ ويسيئون إلى البعض بالكلمات السيّئة والمذمومة فضلاً عن لذّة فاكهة الكلام ويفتنون مَن لا يحبّونه، ويستهزئون بمَن يرونه أدنى منهم،  ويتعوّدون بالغيبة والنميمة.
وهناك مَن يرفضون النصائح والموعظة بخفية إذا قدّمتَ إليهم النصائح، وسيأتونك بالأسباب الرقيقة المتعدّدة ليجوّزوا ما فعلوا وما أرادوا، وهذا يبدو أنّهم ممّن يتّبعون الهوى، ويحاولون أن يحرّفوا تلك النصائح المخلصة الحقيقيّة ذات القيمة الغالية.
أصحاب الصراخ وصانعو التشويش وذوو الفوضى يتناسون قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ } سورة الحجرات 2
ويتجاهلون أيضاً قول الله عزّ وجلّ:
{وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ }
لقمان 19
و كذلك المتشاجرون والمجادلون لا يهتمون بقوله تعالى في كتابه المبين :
{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل 125
وخلاصة القول هي: أنّ الأخلاق والأدب كلاهما مهمّان جدّا في بناء المجتمع ويميّزانا عن المجتمع الغربي؛ ولنتحصّل عليهما، يجب أن يلتقي الطفل المسلم تربيةً حسنةً منذ صغره حتّى يكون مثلاً أعلى في المستقبل ومتمسّكاً بما جاء به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنّه خير الأنام في أخلاقه وأدبه وتصرّفاته، وقال صاحب الحكمة في حديثه الشريف:
"أدّبني ربّي فأحسن تأديبي"
 
إعداد: نور الفتحيّة عزّتي عفيفة، ماليزيّة
الثّالثة كلّيّة، اللّغة العربيّة وآدابها


الأخلاق الحميدة وطرق اكتسابها


يقول الله تبارك وتعالى {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا . فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا . قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (الشمس 7-10 ، ويقول في سورة يوسف (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (آية ـ53) آيات واضحة وبينة تكشف لنا حقيقة النفس البشرية التي ألهمها الله فجورها وتقواها، والتي قد تتعرض لأحوال مختلفة وأمراض خطيرة تكون عائقا في سلوك النهج الصحيح والقويم في الحياة الدنيا، وتخسر بذلك الأخرى، ومن أجل ذلك، اهتم الإسلام بالنفس وحث على تحليتها بالأخلاق الحسنة وتخليتها عن الأخلاق السيئة التي تبعدها عن الله سبحانه وتعالى وعن رحمته، وجعل يصحح شذوذ النفس ويضيء أمامها الطريق لتعرف عيوبها فتتخلى عنها وتسلك النهج الذي يوصلها إلى كمالها، وكمالها يكون بالاتصاف بالأخلاق الحميدة، لذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ومكارم الأخلاق تتمثل في معاملة الإنسان الحسنة لكل ما يحيط به، وأهمها مع إخوته من البشر، بما فيها من صدق ووفاء وكرم وسخاء وصبر وشجاعة إلى غير ذلك من الأخلاق، وهذه الخصال الحميدة  تقابلها الأخلاق السيئة المذموم فاعلها من كذب وخيانة وغدر وبخل إلى غير ذلك، وهي صفات مقتها الشرع ودعا إلى تجنبها والابتعاد عنها مهما كلف الأمر، فهناك آيات وأحاديث عديدة تناولت الجانب الأخلاقي وطريقة معالجة السيئ منها. وبهذا تظهر أهمية معرفة الإنسان عيوب نفسه؛ لأنها الخطوة الأولى في سلّم الصعود إلى مكارم الأخلاق، فبمعرفة الداء يسهل الدواء. 
والإسلام في تعاليمه يحتوي جانبين أساسيين هما الإيمان والعمل ويتطلب فيهما الإحسان ومراقبة الله سبحانه في كل لحظة، كما ورد في الحديث الذي جاء فيه جبريل ليعلم الناس دينهم ، ويكتسب من خلال ذلك الأخلاق الحسنة التي يحبها الله ويبتعد عن الأخرى التي وردت في القرآن بصورة واضحة أن الله لا يحبها. فمنها أن الله لا يحب من كان خوانا أثيما ، ولا يحب من كان مختالا فخورا ، ولا يحب الفرحين ، ولا يحب الجهر بالسوء من القول، ولا يحب المعتدين ، ولا يحب المسرفين، ولا يحب الخائنين ولا يحب المستكبرين ، إلى غير ذلك.
 لكن كيف الطريق إلى إصلاح هذه النفس ومعالجة هذه الأخلاق التي لا يحبها الله ؟ فإذا أراد الإنسان أن يعرف عيوب نفسه ليتخلص منها ، عليه مراقبة نفسه بدوام، ويداوم على ذكر الله لأنه ينير له سبل معرفتها .
 وهناك طرق أخرى أشار إليها حجة الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله في كتابه الأحياء بقوله"اعلم أن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيراً بصره بعيوب نفسه، فمن كانت بصيرته نافذة لم تخف عليه عيوبه، فإذا عرف العيوب أمكنه العلاج، ولكن أكثر الخلق جاهلون بعيوب أنفسهم يرى أحدهم القذى في عين أخيه ولا يرى الجذع في عين نفسه. فمن أراد أن يعرف عيوب نفسه فله أربعة طرق:
 الأول: أن يجلس بين يدي شيخ بصير بعيوب النفس مطلع على خفايا الآفات ويحكمه في نفسه ويتبع إشارته في مجاهدته....
الثاني: أن يطلب صديقاً صدوقاً بصيراً متديناً فينصبه رقيباً على نفسه ليلاحظ أحوالها وأفعاله، فما كره من أخلاقه وأفعاله وعيوبه الباطنة الظاهرة ينبهه عليه. فهكذا كان يفعل الأكياس والأكابر من أئمة الدين....
الطريق الثالث: أن يستفيد معرفة عيوب نفسه من ألسنة أعدائه فإن عين السخط تبدي المساويا. ولعل انتفاع الإنسان بعدو مشاحن يذكره عيوبه أكثر من انتفاعه بصديق مداهن يثني عليه ويمدحه ويخفي عنه عيوبه، إلا أن الطبع مجبول على تكذيب العدو وحمل ما يقوله على الحسد، ولكن البصير لا يخلو عن الانتفاع بقول أعدائه فإن مساويه لا بد وأن تنتشر على ألسنتهم.
الطريق الرابع: أن يخالط الناس فكل ما رآه مذموماً فيما بين الخلق فليطالب نفسه به وينسبها إليه، فإن المؤمن مرآة المؤمن، فيرى من عيوب غيره عيوب نفسه ويعلم أن الطباع متقاربة في اتباع الهوى. فما يتصف به واحد من الأقران لا ينفك القرن الآخر عن أصله أو عن أعظم منه أو عن شيء منه، فليتفقد نفسه ويطهرها من كل ما يذمه من غيره وناهيك بهذا تأديباً، فلو ترك الناس كلهم ما يكرهونه من غيرهم لاستغنوا عن المؤدب...."
وعلى الإنسان  أن يبدل مكان كل صفة غير حميدة الصفات الحسنة ، وبهذا قد يستطيع الإنسان أن يتخلى عن بعض صفاته الغير محمودة ، فينتقل بنفسه الأمارة بالسوء إلى نفس لوامة ، ويسير بها إلى أن تكون مطمئنة لله ولأمره، وراضية بقسمته وبقضائه وقدره، وتقشعر عند ذكره، فيدخل في قائمة عباد الرحمن. (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى . فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى . ..(وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ)

إعداد: المحرر