مرحبا بك في موقع صحافة بلا حدود

لوحة من عالم الألوان


من هنا تبدأ الكلمات التي لا تنتهي، وينتهي الصمت الذي لا يهدأ، وتتواصل الجمل المفيدة والتامة والناقصة، والجمل التي لها محل من الإعراب والتي لا دخل للإعراب بها، ولا وجود لها في لغة الأعراب... وتشكلت اللوحة التي رسمت بألوان الغراب، وبريشة الطاووس التي سقطت على التراب.. وبأنامل الطفل الذي يخربش على كراسة الألوان.. خربشة تعبر عما في ضمير هذا الطفل الوديع من تصور للحياة، الحياة التي تحيطها المحبة والحنان، التي لا تعني إلا نوم ويقظة، وضحك وبكاء، وشبع وجوع؛ فكلما قابلت طفلا بصفاء قلب، قابلك بإشراقة وجنتيه، وابتسامته البريئة التي تدل على إدراك حقيقة ما بقلبك.. لكن عندما تكون ابتسامتك سُوقيّة تجارية، أو اكتسبتها من مدرب التنمية البشرية، فسيكتشفها الطفل، ويفر هاربا منك..
وعندما يبكي الطفل، فبالنهار تعبير عن حاجةٍ ماسة، أو أَلمٍ مَقِيت، أو مكروه مُخيف.. وأما بالليل فمن أعراضه قض نوم الأم؛ ولعل سببه ألم متكون من خلو المعدة من الغذاء.. أو لسعة حشرة تبحث عن رزقها الذي قسمه الله لها.. أو حمى عارضة.. أو غيرها من ألوان وأشكال لوحة حياة الطفل.. وكل هذا يدل على أن الألوان دائما تحتاج إلى أن تمزج مع الأخرى لتعطي للحياة ذوقا خاصا.. وتجارب مختلفة يمر بها الطفل؛ فيرسمها في لوحته.. وينمو.. ويكبر... ويعتري اللوحات غبار الزمن، وتتصدع اللوحات التي أصابها البلل.. ولكنها تبقى في خلده دائمة.. تلوح في ذاكرته حينا وآخر، وبعضها يظهر من تصرفاته حين يكبر..
فيا أيها الأطفال الذين كبروا... لنواصل في رسم اللوحات الجميلة.. لتبقى الحياة مشرقة لطيفة.. فالإنسان هو ذاك الطفل الذي يخربش على ورقة الرسم.. ويرسم حياته بألوان الحياة وأشكالها.. ومن هنا عليه أن ينشر لوحاته الجميلة بين إخوته من البشرية.. لتتنوع حديقة الحياة الكبيرة.. ويكتمل جمالها بمشاركته الآخرين لوحاتهم الجميلة بألوانها المزركشة، وبفسيفسائها العتيقة على جدران القصور الشاهقة، أو على ورقها البُردي المخبأ في أهرامات الأيام الخالية.. أو على لوحات (سُومر) المنقوشة بالخط المسماري حول حدائق مدينة بابل المعلقة.. ولا يكن كأصحاب الجنة في قصة سورة القلم... حيث قرروا قطع ثمارها دون علم المحتاجين.. أنانية وبخلا.. وحبا للذات وشحا.. فأصابها ليلا إعصار محرق..وانقلبوا خاسرين... فهل يود أحد أن تكون له جنة من نخيل وأعناب وأنواع الأشجار المحبوبة، تجري من تحتها الأنهار.. فيصيبه الكبر وله ذرية ضعفاء.. ويصيبها حريق مدمر فيقضى عليها.. أليس لو شارك الناس وأهدى لهم منها في حال قُوّته.. سيقفون معه ويشاركونه حالة الضعف..؟ فهكذا هي الحياة.. ألوان وأشكال.. وحدائق ذات بهجة.. تحتاج إلى عطاء وإنفاق.. ألوان نرسمها بأيدينا تحتاج أن نشارك بها الآخرين.. ليشاركونا هم أيضا..
وتكون الحياة لوحة متكاملة جميلة تسُر الناظرين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق