مرحبا بك في موقع صحافة بلا حدود

فلم يحاسبنا الله؟؟؟

الطالبة/ نور الفتحية عزتي عفيفة، ماليزية
 السنة الثانية كلية.
قرأت كتابا.. وفيه موضوع أعجبني كثيرا.. كيف سأل ملحد مؤلفه عن أمور القضاء والقدر. وماذا قال؟
قال الملحد: " أنتم المسلمون دائما تقولون إن الله يجري ويدبّر كل شيء في مملكته بقضاء وقدر. وإن الله قدّر علينا أفعالنا. فإذا كان هذا هو حالنا. وأن تصرّفاتنا كلها مقّدرة عند الله عزّ وجلّ فلم يحاسبنا عليها؟
عفوا يا أصدقائي وصديقاتي... أولا قبل أن ندخل إلى موضوعنا أودّ أن نستفهم شيئا واحدا مهما جدا؛ لأن هذا شيء يتعلّق بأمور العقيدة.. ولا ندر هل هناك أي واحد منا يندهش في هذا الأمر كما اندهش الملحد. عرفنا في زمننا الآن كثيرا من المسلمين راسبون في فهم قضاء الله وقدره، ولا يعتقدون اعتقادا تاما بسبب ضغوط الحياة، مما يؤّدي إلى ضعف الإيمان. ونعوذ بالله من ذلك.
وإجابة السؤال السابق، هناك تساؤل: هل خيرت في ميلادك وجنسك وطولك ولونك ووطنك وموتك؟ وهل باختيارك تشرق الشمس ويغيب القمر؟ و هل باختيارك ينزل عليك القضاء ويفاجئك الموت؟  وتقع في المأساة فلا تجد فرجا إلا الجريمة. فلم يُكرهك الله سبحانه وتعالى على فعل ثمّ يؤاخذك عليه؟
أنت حقا في بعض المغالطات، فأفعالك وتصرفاتك معلومة عند الله في علمه وقضائه وقدره، ولكنها ليست مقدرة عليك إجبارا وإطلاقا، وإنها مقدرة في علمه. كما تقدر أنت بعلمك أنك سوف ترسب في الامتحان. ثم بعد ذلك يحدث أنك راسب في الامتحان، فهل أجبرته وأكرهته؟ أو كان هذا تقديرا في العلم وقد أصاب علمك. ومن ثمّ، أنت متكلم عن حرية تامة مطلقة. فكلامك: " أكنت أستطيع أن أخلق و ألد نفسي أبيض أم أسود أم طويلا أم قصيرا أم ماليزيا أو صينيا...؟ وهل بطاقتي أن أنقل الشمس من مكانها أو أوقفها في مدارها..؟؟؟ إذاً، أين حريتي...؟؟؟"
وأنت تتكلم عن حرية تامة مطلقة.. فأما حرية التصرف في الكون فهذه ملك لله وحده، ولا أحد يستطيع أن يسيطر على ذلك الأمر إلا الله. ولا أحد يتدخل في شأنه وأنه أعلم بما يفعل.
كما قال الله تعالى في كتابه العزيز: {وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة} سورة القصص: 68
ونحن مخلوقاته من الإنس أو الجن أو الملائكة أو الشياطين أو النباتات أو الحيوانات، أو في السموات والأرض وما بينهما لا أحد منا له الخيرة في مسألة الخلق إلا الله، هو الواحد الأوحد؛ لأنه هو الذي يخلق ما يشاء ويختار ما يريد.
ولن يحاسبك الله على قصرك ولن يعاتبك على طولك، ولن يعاقبك لأنك لم توقف الشمس في مدارها ولن يلومك كيف ولدت.. في البيض أو السود.  ولكن مجال المسألة هو مجال التكليف. وأنت في هذا المجال حر، وأنت تختار ما تشاء، وماذا تريد أن تفعل. وهذا هو الحد الذي نحن فيه.
أنت حر في إقناع شهوتك، وأن تتحكم بغضبك، وأن تقاوم نفسك، وتزجر نياتك السيئة. أنت مخير أن تجود بمالك ونفسك وأنت مستطيع أن تصدُق وأن تكذب وأنت مطيق أن تكف نفسك عن العصيان. وفي هذا المجال أنت حر وفي هذا المجال تحاسب وتسأل. إنك مكلّف بما فعلت وعملت و أنت مسؤول بما اخترت. وكل أفعالك السيئة أو الحسنة هي عبء عليك.
يقول أبو الخير الكاتب الواسطي حول هذا الموضوع:
جــرى قـــلــــــــــــــــــــمُ القضـــــــــــــــــــاء بمــــــــــــــا يكــــــــــــــون
      فســـــــــــــــــــــيّــــــــــــانِ الـــــــــــتحـــــــــــــــرُّكُ والســــــــكونُ
جــــــــــنـــــــــونٌ منـــــــــــــك أن تــــــســــــــــــــعى لـــــــــــــــرزق 
    ويُــــــــــــــــــــــرْزَقُ في غــــــــــشـــــــــــــاوتــــــــه الجنـــــــــــينُ




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق