نالت ظاهرة التسويف نصيب الأسد من بين جميع الظواهر الهدامة في أوساط شباب الأمة الإسلامية ، فغيرنا يغتنم كلّ فرصة للترقّي والتقدم بإنجاز الأعمال، ونحن ننتهزها للتمنّي والتوهّم وتطويل الآمال ! فهل أهملت التعاليم الإسلامية جانب الدعوة إلى الاهتمام بالوقت وذم تطويل الآمال وعدم الترمّي في بحر التمنيات والتسويفات ؟؟! كلاّ.
لقد دعا الإسلام إلى الاهتمام بالوقت و تقصير الأمل ، فكم من آية في القرآن الكريم تحثّ على الإسراع إلى الخيرات ، والتسابق إلى المغفرات . قد قال الإمام عليّ عليه السلام : ((من أطال الأمل أساء العمل)). ويقول الشيخ: محمّد عبده في شرح هذه الحكمة العلوية : (( طول الأمل : الثقة بحصول الأمل بدون عمل لها أو استطالة العمر والتسويف بأعمال الخير)). فتأمله فإنه دقيق !
فيا أخي القارئ إيّاك والتسويف وتأجيل الأهميات للمهمات ، وإهمال الواجبات وتضييع الفرص الثمينات ؛ فإن هذه الفرص نعمة الله عليك فاغتنمها لما يفيدك ، واعط كلّ فرصة حقّها ولا تأخذ حقَّ هذه لتلك فتكون ظالما لنفسك ، ولا تؤجل عمل يوم لغدٍ فإنّ كلّ يوم آتٍ بعمله ، وخذ حذرك فما أسرع الغسق بعد الفلق ، وما أسرع الساعة في اليوم، واليوم في الشهر، والشهر في السنة، والسنة في العمر! فدع التسويف وبادر في صنع التأريخ، واستخدم شبابك في نفع شعوبك ، وانتبه له فإنّه أسرع ما يزول ليحل الشيب بعد الزوال و((الشيب أبعد في النصح عن التهم)) فلا يبقى لك غير حِمْيَة الندم وأنّى ينفع الطبيب بعد الموت!
ومن أغلى الفرص التي لا ينبغي للشباب تضييعها في التسويفات : فرصة وجوده في هذه الكلية فإنّها أسرع من البرق في لمعانه ؛ فعلى الطّالب أن يصيد من بحرها الفيّاض صنوف العلوم المتنوّعة في مجالات تخصّصاتها المختلفة الأدبية واللغوية والفقهية والأصولية والاقتصادية والعلمية ... وأن يغتسل منه ليخرج صافيا من دنسات الجهل ، وأن يرتوي منها ليرجع سالما الصدر من ويلات الشّكوك والظّنون، واثقا بنفسه لتخليص مجتمعه من أيد الظلمة أعداء الدين والإنسانية الغاصبين لوطنه السالبين لحرية قومه ، وأن يتزوّد من ميائها ليمطرها في قلوب بني شعبه فينبت منها إيماناً وحكماً وصدقاً وأمانةً وشجاعةً وخلقاً طيّباً و كرما وإقداماً...ليحصد منها حزباً موحّداً بقيادة {{لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله}} فيهدم به جدران الفرقة والتجبّن ، ويقتل به جرثوم الأوهام والشكول والتسويف أسباب التخلّف والتوهّن ، ليبني جيلٍ قويٍّ يعيد للأمة شرفها ، بل يبني لها شرفاً ومجداً لم يخطر ببال سلف الأمة ، على مستوى الازدهار المشاهد في هذا العصر المعاش.
فدع طول الأمل والتسويف وقم بالعمل لتصنع التأريخ.
إيّاكَ والتّسْويف وطول الآمال لئلاّ تخسر التصفيق وشكر الأجيال.
الطالب : ويدروغو إبراهيم موسى
#####
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق