مرحبا بك في موقع صحافة بلا حدود

بروتا جوراس: زعيم السفسطائيين

    في العدد الماضي أنشرت مقالة بعنوان(الفرق بين الجدل والسفسطة) وللمزيد من التوضيح رأيت أن أتناول في هذا العدد الفلسفةَ السفسوطائيةَ بشيء من التفصيل من خلال أبرز شخصياتها وأكثرهم تأثيرا وهو بروتاجوراس الذي ولد في أبديرا وعاش في أثينا. وسافر إلى إيطاليا ومكث فيها فترة من الزمن. وله الكثير من المؤلفات في كثير من المجالات. كلفه الحاكم بكتابة دستور جديد. شكك في آلهة الإغريق فتمّ اتهامه بالإلحاد وأحرقت كتبه أمام النّاس وحكم عليه بالإعدام وتمكن من الهرب ومات غرقا وهو في طريقه إلى إيطاليا.
   ويعتبر بروتاجوراس(485ـ 410 ق.م)  أول فيلسوف يتقاضى المال مقابل تدريس الفلسفة، وتقابل المال مقابل التدريس هي من الأمور التي يوجه فيها الانتقاد للسفسطائيين من قبل نسبة كبيرة من الباحثين.
    من أقواله : ((لا أستطيع أن أعلم إن كان الآلهة موجودين فإنّ أمورا كثيرة تحول بيني وبين هذا العلم أخصّها غموض المسألة وقصر الحياة)).
   ويعود أصل كلمة ((سفسطائيين))إلى كلمة ((سوفيست)) اليونانية وتعني المعلم.
   ويرى السفسطائيون أن الحقيقة من صنع الإنسان فبحثوا عن الحقيقة في كلّ مكان وكلّ زاوية، وفي النهاية اكتشفوا أنّها من صنع الإنسان، وشكك السفسطائيون بآلهة الإغريق لذلك تعرضوا لهجوم من شريحة واسعة من المجتمع.
   وعُرف عن السفسطائيين قدرتهم العالية في فن الخطابة وقابليتهم على الإقناع، ومن طرقهم في النّقاش أنّهم يناقشون الفكرة ونقيضها وحين يستمع إليهم السامع وهم يدافعون عن الفكرة يقتنع بكلامهم وبعد قليل حين يناقشون نقيضها يقنع أيضا. فما أكثر السفسطائيين في زمامننا هذا وإن تستروا تحت مسميات مختلفة:
(كلّ يغني على ليلاه متخذا       ليلى من الناس أو ليلى من الحجر)
وكلّ يجتهد في إقناعك على ليلاه وإن تيقن بحَجَرِيَتِها، فأين الحقيقة ؟أين الصواب؟ من يدري؟ أنا لا أدري غير علمي أنّ على كلٍّ أن يحتاط ويحذر فيعتقد بصحة ما هو عليه مع احتمال الخطأ وبخطأ ما عند الغير مع احتمال الصحة؛ إذْ من يضمن لي أو لك أن ما تمّ تثبيته في الذاكرة ليس من تصنيع وتزيين جهة ما ِللَيلاها، ومن يدري إن كان تلك ليلى من إنسان أو من حجرٍ أو من قومية أو من شعوبية أو من..؟! وإلاّ فما معنى تلك الاتجاهات المتباينة التي يعتقد كل منتسب لأحدها أنّه صاحب الحقيقة! فبقدر ما أنت متيقن بحقيقية معتقدك يتيقن غيرك كذلك بمعتقده((كلّ حزب بما لديهم فرحون))، فكن منفتحاً رحب الصدر في عرض ما عندك واستقبال ما عند الغير وناقشه مناقشة علمية لعلك تجد تغييرا في حياتك الفكرية والاعتقادية....بل في جميع المجالات .
إعداد :ويدراوغو إبراهيم موسى ــ بوركيني



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق