مرحبا بك في موقع صحافة بلا حدود

احترام تنوع الثقافات


إبراهيم محمد
           إن العادات والثقافات تبنى من عدة رؤى، ونظم، وتصورات، فهناك عدة عوامل تؤثر في تكوينها. فالإنسان يقرأ ما حوله انطلاقا من تصوره للأشياء، فهناك من يرون غروب الشمس على أنّه نوع من الأمر الاعتيادي، أي أنّه بداية  حلول الظلام، وهناك من يضفي على هذه الظاهرة اليومية لونا آخر من التصور إذ يرى أنه نهاية النهار، وآخر ينطلق من ذوقه الخاص فيرى أن غروب الشمس يشبه لهيب النار، وآخر يعبر عن ذلك بحزن الشمس، إذ توشك على الرحيل من هذا العالم فيتغير لونها، أما غيرهم فيرى أن هذا الظرف يشبه لوحة فنية جميلة، مزركشة بالسحب، ومسكوب عليها شذرات من الذهب.. وهكذا.. البعض يحزن لتشبيه الغروب بالفراق، والآخر يشعر بالنشوة والنشاط لما تمده الألوان الذهبية من شعور بالجمال..
  فالجميع ينظر إلى صورة واحدة، ولكنّه يكوّن منها مفاهيم تتعلق بحالته النفسية، وخلفيته الثقافية.. فتختلف المفاهيم حول المعنى الواحد.. ومن هنا لا ينبغي أن نفرض على الناس رؤيتنا الخاصة للأشياء، دون أن نأخذ في الاعتبار نظرة الآخرين لهذا الشيء الذي نفهمه بطريقتنا الخاصة، ومن منطلق ثقافة مختلفة عن ثقافة الغير. ولا يعني هذا أن لا نتشبث بآرائنا ونظرتنا للأشياء المنطلقة من ثقافة ما ـ إذا كان ما نتصوره صوابا حسب رؤيتنا ـ والانجرار وراء آراء الغير ونظرتهم للأشياء وثقافتهم،  بفرض أنّ المعنى الذي اختلفت فيه الرؤية يحتمل عدة مفاهيم.
  فالبيئة التي تتعدد فيها الثقافات تتطلب المرونة في التعاطي مع النظرات المتباينة، وألا ننظر إلى غيرنا على أنّه متخلف، ونجعله محل للسخرية، والاستهزاء لمجرد فعل شيء مخالف لثقافتنا، وهو صواب من حيث ثقافته، فلا بد من مراعاة الفوارق الثقافية، والعادات والتقاليد التي يعتبرها أصحابها قيم اجتماعية، وبل وتقديرها، إذا كانت لا تخالف تعاليم الدين الحنيف.
  يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات: 11]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق