مرحبا بك في موقع صحافة بلا حدود

أناجي جدّي وإن كان في قبر!!


إدريس غي/ سنغالي
           ما أجمل أن يترعرع الإنسان، ويتقدم في سنّه، ويرى في جانبه الّذين حضنوه وآزروه وقت صغره، وعلّموه وقت جهله، وأعطوه وقت فقره، وأرشدوه وقت ضلالته، وأقبلوا عليه إذ أدبر النّاس شأنه، ويتذكر هذه المراحل العويصة  التّي لو جابها الفيل بضخامتها لهزل، والأسد بشجاعتها لهرب، والثّعلب بمكره لتاه في تيه ولايجد من يقوده، وأتذكر- ياجدّي- تلك اللحظات الّتي قضتها في كنفك حينما رحل أبي عن دار النّقلة إلى دار البقاء- رحمه الله - في سنّه المبكر، وكنتُ يومئذ في نعومة أظفاري، وقدعنيتَ بي عناية تجلّ عن الوصف، ولا يكاد يستطيع أن يعربها ناطق بفم مهما بانت فصاحته، لكونك مربّيا، ومرشدا، وراعيا لورعك؛ لذلك كنتُ أسعى دائما لأكون مثلك في السّماحة، والعلم، والفصاحة، وسعة الصّدر، وبشاشة الوجه أمام قريب أو بعيد جاء زائرا لك. كم أكدحتَ، وأضحيتَ نفسكَ لأجلي، وكم تمنيتَ أن أكون من ضمن الّذين يحملون معنى الإنسانيّة في أثوابهم، ومع مرور الزّمن، وتوالي الجديدان علينا...... وحصولي على الشّهادة الإبتدائية، وانتقالي إلى المرحلة الإعدادية، في هذه الظّروف القاسية رحلت – ياجدّي- إلى جوار ربّك دون أن تودّعني، و لو كنتُ قادرا على فعل أيّ شيء لتبقى على قيد الحياة لما ترددت عن فعله، لكن "إنّما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكن" .
أياجدّي فوالله لوتزلزلت الأرض، وسارت الجبال، وتحركت الأهرام من أماكنها، ونسي الإنسان أنّه كان جنينا، لن ننساك بدعائنا أبد الدّهر، ولن نترك ولن ننسى تلك التّعليم والنّصائح التّي قدّمتها إيانا، أُشهدك بالله أنّي لم أزل ماشيا على النّهج الّذي رسمته لي منذ قديم من الزّمن.  
وإلى اللقاء ياحبيبي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق