مرحبا بك في موقع صحافة بلا حدود

*اغْتِنَامُ الفُرَص والأَّوْقات وأَّهمِيتُهَا*

بسم الله الرحمن الرحيم

لا شك أنَّ الله سبحانه وتعالى أوجدنا في هذه الدنيا لمهمة، كما لا شك أنَّه خلق سائر المخلوقات التي على وجه الأرض لمهمة، ولقد ميَّز الله الإنسان بميزة العقل على سائر الكائنات ليستطيع به القيام بمسؤوليته ودوره في الحياة.
فمهمَّة الإنسان على هذا الكوكب الأرضي أن جعله الله خليفة لها ليعمرها بالمنافع فهذه هي مهمته في ما يتعلق بمشيئته،  وأمَّا مهمته أو مسؤوليته الأخرى أن جعل خالقه عليه حق وهو حق العبادة وجعل حياته في الدنيا محدودة؛ فإذا كانت حياة الإنسان محدودة فإنَّ عليه أن يعرف كيف ينتفع بوقته المحدد له ليغتنم فيه قبل فوات الأوان. وقد جاءت أحاديث كثيرة في هذا الباب توجِّه الإنسان وتنبِّهه وتحثه إلى ما فيه سعادته في هذه الحياة وفي حياته الأخروية. منها ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك". فيحرضنا الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ويحثنا على القيام بكل شيء في وقته وألاَّ نتغفَّل بالوقت ومن هنا تظهر قيمة الوقت في حياة الإنسان. فالوقت ليس له قيمة إذا لم يحسن الإنسان استعماله وجودة إنفاقه، فإذا عرفنا ذلك فعلينا أن نحسن استعمال أوقاتنا فيما يزيد سعادتنا وسعادة مجتمعنا. فعمر  الإنسان في حياته مقسم تقسيماً محدوداً بمراحلٍ تلو الأخرى طفولة فشباب فشيخوخة، ولكل قسم من هذه الأقسام عمله الخاص الذي لا يليق أن يعمله في غيره. فإذا كان العمل لا يعطي ثماراً في غير وقته، والوقت لا يجد قيمته إلاَّ في حسن الاستعمال؛ لنجد الهدف في أعمالنا وننتفع بأوقاتنا. وللمحافظة على الوقت والاستفادة به طريق واحد أمامنا، وهذا الطريق الذي يجب أن نسير عليه فيتحقق لنا النجاح في أعمالنا هو:
أن يكون لكل منَّا غرض يسعى إليه، فاختيار الغرض والسَّعي له هي خير وسيلة للنجاح في الحياة. ويكون ضياع الوقت لسببين: الأول: عدم اختيار الغرض أو الهدف للسعي عليه، فإن حدَّد الإنسان الغرض؛ وفَّر من الوقت الكثير لهذا الغرض، فيسير عليه على هدى وتسلسل، وكلَّما صادفته أمور عرف كيف يختار منها ما يقرِّب إلى غرضه المختار، فلا يختار منها ما لا يتفق مع غرضه. ويلاحظ أنَّ أكثر الناس الذين نجحوا في حياتهم هم الذين انتفعوا بأوقاتهم بتحديد غرضهم في الحياة والسير عليه. فهم يواجهون أعمالهم بنيةٍ ولا يضيعون زمنهم في التردُدٍ والاختيارٍ، ولا يتركون أنفسهم للظروف تلعب بهم كما تشاء، بل يضعون الظروف أمامهم ويتعرَّفون فيها حسب أغراضهم  في الحياة. ثانياً: أن يكون لكلِّ منا غرضه المحدَّد ولكنه لا يخلص في السَّعي  لهذا الغرض، فيكون سبباً في اخفاقه وفشله في غرضه المختار، إذن: عدم اختيار الغرض وعدم إخلاص السعي له هما اللَّذان يسرفان الوقت ويضيِّعان فائدته. وليس المطلوب بالمحافظة على الوقت أن يعمل باستمرار دون تخصيص وقت للرَّاحة وتجديد النَّشاط ،  وإنَّما المطلوب هو أن نخصِّصَ أوقاتاً للرَّاحة كما نستطيع أن نقتضي وقت الراحة في لعب مفيد لاستراجاع النشاط الذي يعيد لنا القوة: كرياضة بدنية وحركة جسم فيفيدنا ذلك أعمالنا أكثر. وقديما قيل:" الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك". يلزمنا أن نصاحب أغراضنا بعد الإخلاص فيها بالثقة بالنفس وفي الغرض المختار ونبعد أنفسنا عن الكسل  والخمول والضعف، فإن،َّ عدم الثقة بالنفس  في تنفيذ الأغراض مما يؤدي إلى الفشل.
وإذا رجعنا إلى شرح الحديث السابق فإنَّ الحديث يرجع بنا إلى الاستعداد لحياتنا الأخروية وأن لا ننسى نصيبنا في الدنيا، ويذكر الحديث أنَّ الحياة كلَّها امتحان واختبار، فقد خلق الله الإنسان وأودع فيه من الامكانات والقدرات مما يمكنه من إعمار الأرض فيما ينفعه في دنياه،  وأخراه، ويغتنم بها مرضات ربه جلَّ وعلا، هنا أمور خمسة ذكرها الحديث فيما يجب أن نغتنمها وأن نستفيد بها في حياتنا وهذه الأمور الخمسة تتمحور في الآتية:
*أولاً: الحياة: وهي مجموع عمر كل إنسان فإذا عرف أنَّه لم يخلق في هذه الدنيا عبثاً وتيقن أنَّ الموت مصير كلّ حيِّ طال الزمن أم قصر، وأنَّه مسؤول عن عمره فيم أفناه؛ ملأ أيام دهره بجلائل الأعمال التي يجزي بها خيراً يوم القيامة، وقد بيَّن لنا الإسلام أنَّ الدنيا دار عمل والآخرة دار جزاء.
*ثانياً:الصحَّة: وهي سلامة الجسد من الأمراض وهي مصدر القدرة والطاقة عند الإنسان وبما أنَّ الإنسان ضعيف كما قال عزَّ من قائل:{...وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} النساء( 28) فهو معرض في كل وقت للمرض، فعلينا أن نحافظ على صحتنا البدنية ونملأ الوقت بالعمل الصالح الذي يكون ذخراً عند الله عزَّ وجلَّ، قال أحد الحكماء:" الصحة تاج على رؤوس الأصحاء فلا يدركه إلاَّ المرضى".
*ثالثاً: الفراغ قال صلى الله عليه وسلم:" نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة، والفراغ"، والمقصود بالفراغ هنا: خلو وقت الإنسان من الأعمال يوميَّة، ومشاغل الدنيوية، وهذا الفراغ لا وجود له في حياة المسلم بل هو يشتغل ساعاته كلها في عبادة الله وذكره في علومه وإعمال فكره في ملكوت السموات والأرض، وإنَّ تأجيل عمل اليوم إلى الغد أحد مسببات الفراغ في حياة المرء قال الشاعر:
                    لا تُؤجِّل عمل َاليوم ِإلى غدٍ *** إنَّ يومَ العاجزِين غَدٌ
*رابعاً: الشباب: وهو زهرة الحياة وفترة القوَّة والنشاط عند الإنسان، فيها تميل النفس إلى متع الحياة بأنواعها والمعصوم من عصمه الله والموفَّق من حفظه الله في هذه الفترة من الانزلاق، ولذا كان الشاب الذي نشأ في طاعة الله أحد من يظلهم الله في ظلِّ يوم لا ظلَّ إلا ظله، فعلى المرء أن يعطي كلَّ الجهد فيما يعود لنفسه الخير قبل أن يردَّ إلى أرذل العمر.
*خامساً:الغنى: أخيراً وليس آخراً  المال ظل زائل وعارية مستردَّة، وربَّ غني أضحى فقيراً وربَّ فقير أصبح غنياً، والمرء مسؤول يوم القيامة عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، لذا على المرء أن يسخر ماله لما يرضي الله ورسوله انفاقاً وتوسعة على الفقراء والمحتاجين من غير إفراط ولا تفريط قال تعالى:{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}الفرقان(67)، فالآية هنا تحث على الاعتدال في النفقات.

من خواطر الطالب: تراوري هارون.
بوركيني ، دراسات عليا( البحث).




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق