مرحبا بك في موقع صحافة بلا حدود

الامتحان يبني أم يهدم ؟؟


إنّه شر لا بد منه، أو قبر لا ملجأ إلاّ إليه
           لقد عاشت الطلبة عموما في الأيام الماضية ساعات قاسية وتوترا جسمانيّا، وشعورا قشعريريّة، وذلك لمّا هبت رياح الامتحان في أفنية المدارس، واحتلت على جميع الممتلكات العقليّة، وكما رأينا ذلك بشكل أبرز في هذا الجوّ العلميّ والأخويّ لدى طلبة كليّة الدعوة الإسلاميّة، حيث إنّهم لم يهنوا على إحداث التغذية الراجعة في تلبية هذه الدعوة والمقاومة لها، مشمّرين نحو شأوهم المنشود، فاقدين عن ضرب حياتهم الذي اعتادوه يوميّا،تاركين التجمعات العادية بغية تضحية أوقاتهم في تصفح أضابير الكتب وملازمة المراجعة بغضّ النظر عن تعاقب الليل والنهار، أو الأوقات المناسبة لها .
      وعلاوة على ذلك، فإذا تسلّمنا جدلا حول قضيّة الامتحان في الحقيقة نرى " أنه شرّ لا بدّ منه " رغم أنفس الطلبة وما يواجهونه من مشقّات شديدة خلال أيامها المريرة، وقلق يعانونه لأجل تحقيق ما هو أنفس لهم في حياتهم المستقبليّة، والتغلب على مصاعبها الفتّاكة مهما تكلف جهدا ووقتا، واجتيازا على مخاطر عويصة تجعل الإنسان المعنيّ في أغلب الأحايين عاجزا عن التصرّفات المتّزنة الاعتياديّة، وكما تعترض هذه المواظبة المغامريّة على الجهاز النفسيّ وتُرسبه في غمرة متخيّلة مأساويّة يستحيل فيها أن تهدأ النفس وتجد هواها المعتاد .
        الامتحان يبني :        

         من الجلي عند الملاحظة الثاقبة، أن الامتحانات بأنواعها محنة تتولد منها منحة وكلتا الكلمتين مرتبطتان إحداهما على الأخرى، و يظهر لنا جليّا أن من سنن اللغة العربية في تصاريفها أنها حين تريد التفرقة بين الحسيّات والمعنويات أو الأسباب والمسبّبات في الكلمات قد تكتفي بتغيير يسير في شكل الكلمة  مع بقاء مادتها .
ولا أدنى شكّ في أن الامتحان يشكل جانبا مهمّا في تغيير مجرى حياة الطلبة نحو الأفضلية، ومدى معرفة الفروق الفردية  من حيث المستوى العلميّ بينهم، لذلك لم نر أيّ نظام تربويّ على صعيد الأرض تخلف عن هذا الركب  قديما أو حديثا؛ لأنه هو المعيار التقييمي الذي لم تكتشف لنا الحفريات البحثية إلى الآن بديلا لهذا النظام في تقدير المستويات المعرفيّة التربويّة وبلورتها، رغم التباسها بسلبياتٍ تعكر صفوة الطالب فيزيقيّا وميتافيزيقيّا لما لها من ضغوطات تخضع له دون إمكانيته بردّ جماحها إلاّ بالصبر والجلد، ناهيك عن الطلبة ذوي الهمم العليا المنهمكين في التحصيل على درجات راقية، والتفوق بالدراسة على أبعد حدودها، فليس لهؤلاء إلاّ التزاما وانقيادا لهذه الضغوطات المُؤسفة، وذلك ما يجعلهم في أُهبة الاستعداد، وتحفيز مزيد من الانتباه المثير والاصطبار على المراجعة كما يحشد لهم القوى النفسية في التفاعل مع الدروس وعدم التشتت في الانتباه .     
   الامتحان يهـدم:
       لقد أكّدت الدراسات السيكولوجية أن هناك ارتباكات خطيرة، واضطرابات نفسية وجدت عند الطلبة، بسبب الامتحان ومدى احتكاكهم به، حيث يكلفون أنفسهم على ما فوق طاقتها، ونتيجة ذلك أن سبّب لهم تدهورا نفسيّا في توازن أجسامهم، لما يشعرون من انشغال وخوف ابتداء من إعلان تاريخ الامتحانات، ومرورا بأثنائها ووصولا إلى وقت إعلان نتائجها، مما يطعن في صحة كثيرين منهم، وكما يتأثر ذلك في الاستذكار، أو في أداء الامتحان كما ينبغي، فيحكم على الطالب بالفشل وبضعف المستوى، فهذا من الناحية النفسيّة التي تعرقلها الامتحان .
   وأما من الناحية المنهجية، لقد أصبح المدرسون والطلبة والأولياء يعتقدون أن الغرض من الدراسة هو مجرد النجاح، فبهذا يصبح الامتحان غاية في نفسه ولم يعد وسيلة لتقييم نمو علميّ معين عنده .
   وعليه، قد أخذ الطلاّب الوسائل التي تؤدي إلى التطلع على شماريخ أوراق الامتحانات ولو بالركض على الجثث الهامدة، أو باللجوء إلى غشّ فاضح.
 وبالإضافة إنه قد يهمل ما يكون عند الطالب من قدرات ومهارات فطريّة وتخصصاته العلميّة التي لا تعني بها أسئلة الامتحانات، وكذلك تنفيره عن التحمّس للقراءات المتنوعة، وحب الاستطلاع والتوسع في طلب العلم، وهذا ما نحسّه بوضوح في هذه العبارة " أصبح العلم في السطور لا في الصدور".
ماهو الترجيح ؟؟

      وفي الختام نطرح أسئلة مفادها : هل يمكن فعلا أن يبقى النظام التربوي بلا امتحانات في هذا العصر الراهن ؟؟     وإذا كان ذلك فما هو البديل  ؟؟ وهل يمكن أن يعمل هذا البديل بما يتوخى منه على تحقيق الأهداف المطلوبة بأحسن من نظام الامتحان   ؟؟؟   
بقلم الطالب : امباي اتيام السنغالي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق